ماذا يطبخ عباس؟

ماذا يطبخ عباس؟

رام الله – الشاهد| كتب مصطفى عقون.. في ظلّ الأحداث المتصاعدة والمتشابكة في المشهد الفلسطيني، يبدو أن رئيس السلطة محمود عباس، الذي طالما كان يُنظر إليه على أنه رمز للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يسعى اليوم للعودة إلى غزة، لكن تحت ظروف وأجواء سياسية مريبة ومثيرة للجدل.

إن عباس، الذي لطالما ارتبط اسمه بالتنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، يحاول الآن التوجه إلى قطاع غزة بعد سنوات من غياب السلطة عنه.

لكن هذه الخطوة، التي تأتي في خضم مجزرة إسرائيلية دموية مستمرة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، تثير تساؤلات عديدة حول دوافعها الحقيقية وآثارها المحتملة. السلطة الفلسطينية، التي حكمها عباس لسنوات، كانت تُعتبر في نظر الكثيرين بمثابة جهة تسعى إلى الحفاظ على استقرار الضفة الغربية بأي ثمن، حتى لو كان ذلك يعني التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي. هذا التعاون، الذي يتضمن التنسيق الأمني مع إسرائيل، كان محط انتقادات واسعة من قبل الشعب الفلسطيني والفصائل المقاومة، حيث يرونه خيانة لنضالهم المشروع ضد الاحتلال.

وفي ظل هذا السياق، فإن رغبة عباس في العودة إلى غزة يمكن أن تُفسَّر على أنها محاولة لتحضير الوضع لما بعد المجزرة. فمن خلال هذه الخطوة، قد يسعى عباس إلى فرض سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة بدعم وتأييد إسرائيلي، ما يشير إلى وجود نوايا لإفشال المقاومة الفلسطينية التي صمدت في وجه العدوان رغم التضحيات الجسيمة.

من جهة أخرى، فإن هذه المحاولة قد تكون جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي في قطاع غزة، بما يتماشى مع المصالح الإسرائيلية والدولية. فإسرائيل، التي لطالما سعت إلى تقويض المقاومة وتفكيك بنيتها التحتية، قد ترى في وجود سلطة فلسطينية بمباركة صهيونية فرصة لإنهاء نفوذ المقاومة في القطاع.

إن عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة في هذه الظروف ستكون بمثابة إتمام للهيمنة الإسرائيلية، حيث يُنظر إليها كخطوة لإعادة فرض “الهدوء” في القطاع بعد سنوات من الصمود والمقاومة. ولعلّ ما يزيد من مخاوف الشارع الفلسطيني هو أن هذا السيناريو قد يؤدي إلى تهميش الأصوات المقاومة وتجريد غزة من هويتها النضالية التي أصبحت رمزًا للصمود.

إن المقاومة الفلسطينية التي قاومت العدوان الإسرائيلي بشجاعة، تجد نفسها اليوم أمام تحدي جديد، ليس فقط في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، بل أيضًا في مواجهة مخططات داخلية قد تسعى إلى إضعافها وتحويل غزة إلى منطقة تحت سيطرة سلطة فلسطينية فاقدة للشرعية الشعبية.

يبقى التساؤل، هل ستسمح المقاومة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني الذي عانى من الويلات، بعودة سلطة تُعتبر من وجهة نظرهم متواطئة مع الاحتلال؟ وكيف سيؤثر هذا على مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟.

في ظل هذه الظروف يبدو أن الشعب الفلسطيني أمام مفترق طرق حاسم، حيث ستكون الأيام القادمة مليئة بالتحديات والخيارات الصعبة التي قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة من النضال الفلسطيني.

إغلاق