عذرا وزارة الصحة.. أحاول أن ألتمس العذر ولكنني لا أجده

عذرا وزارة الصحة.. أحاول أن ألتمس العذر ولكنني لا أجده

رام الله – الشاهد| كتبت/ أسماء سلامة: بعد الإعلان عن وصول دفعة جديدة من اللقاحات، حاولنا التفاؤل، وأن هناك فرصة لوقاية كبار السن ومن يعانون من الأمراض الصعبة من الفيروس، قد يكون ذلك سببا في حمايتهم من مضاعفاته الخطيرة، توقعنا أن تتم المباشرة بتلقيهم اللقاحات بسرعة قصوى، فلا مجال للتأخير أكثر، فقد تأخرنا بما فيه الكفاية.

 

و نتفاجأ لاحقا أن وزارة الصحة غير جاهزة بعد، طوال أسابيع مرت على الإعلان عن قرب وصول اللقاح، وتأخر وصوله، بين طلب المساعدات من هنا وهناك، واتهام الشركات المصنعة بأنها السبب في تأخير وصول اللقاح، يصل اللقاح ولكننا لم نجهز بعد…

 

هل  كانت وزارة الصحة تنتظر وصول اللقاح أولا، وتخزينه في مستودعات وزارة الصحة، لتبدأ عملية إعداد قوائم المستحقين للقاح.. وما هي الأولويات في إعطائه، ومن تنطبق عليه الشروط…

 

إضاعة للوقت

هل لدينا مزيد من الوقت لإضاعته، ولا يكفينا ما ذهب سدى!! هل يجب على المزيد أن يسجل ضمن قوائم الوفيات بسبب الفيروس، نعم هي أعمار مكتوبة ومقدرة، ولكن إلا يستحق هؤلاء أن نتقي إثم التقصير بحقهم؟.

 

أحاول منذ بداية الجائحة أن أرى أي قطرة ماء في الكأس، أقف مع الأصوات المطالبة بضرورة التزام المواطنين بالتعليمات الصادرة من الحكومة، وبروتوكولات وزارة الصحة، لا أستمع لكل ما يقال حول ما يلاقيه المرضى خلال فترات علاجهم في المستشفيات الحكومية، وأقول أن هناك بعض المبالغة، وأن الأمور ليست بهذا السوء.

 

ألتمس العذر لبعض الأطباء عن تقصيرهم، وأحمل ذلك لعدم حصولهم على حقوقهم المؤجلة منذ مدة طويلة، وظروف العمل الصعبة التي يعملون بها، والضغط الكبير على المستشفيات جراء التزايد في أعداد الإصابات المسجلة يوميا..

 

الإغلاق ليس حلا

نعم ندعو الجميع للالتزام، ولكننا نلتمس العذر في بعض الأحيان، لمن يحتج ويعترض على قرارات الإغلاق بدافع خوفه على قوت أبنائه، فمنهم من يعمل بيومية لا تكفي لسد الحاجات الأساسية للحياة..

 

نقف إلى جانب الحكومة في بعض القرارات كإغلاق المدارس في بعض الأوقات، ولكننا نلتمس العذر لأولياء الأمور الذين يعترضون ويطالبون بانتظام الدوام، خوفا على مستقبل أبنائهم، ولأنهم لا يملكون توفير الأدوات اللازمة لتأمين التعليم عن بعد" الالكتروني" لأبنائهم…

 

في كل مرحلة من مراحل التعامل مع الوباء، نعي جيدا ما علينا القيام به، كما نعي أن لا إجماع لدى المواطنين على نجاعة  مجمل الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة في سبيل مواجهة هذه الأزمة.. ولكننا نحاول إيجاد العذر في كل مرة، نضع أنفسنا مكان الآخرين لكي لا نبالغ في انتقادنا لهم.

 

أما فيما يتعلق بما يحدث في وزارة الصحة، أحاول التماس العذر، ولكنني أبحث وأبحث فلا أجد.. ما العذر عن عدم تطوير كفاءة القطاع الصحي خلال عام من الوباء، كنا نقول أن  الوضع الاقتصادي والاحتلال وراء النقص في المنظومة الصحية لدينا، ولكن الوزارة استمرت لأشهر منذ بدء الوباء في التصريح بأن وزارة الصحة جاهزة، وأن وضع المستشفيات بخير وبأننا قادرون على مواجهة الفيروس.

 

صحة عاجزة

ولكننا وخلال عام انتقلنا من الحديث عن الجهوزية للحديث عن العجز وعدم القدرة..، يقول الكثيرون أن التدهور الحالي يتحمله المواطن بعدم التزامه بإجراءات الوقاية والتباعد والكمامات، واستمرار البعض في إجراء حفلات الزفاف وبيوت العزاء، نعم لا ننكر أن ذلك ساهم بشكل كبير في تردي الأوضاع.

 

ولكن هل كانت وزارة الصحة تنتظر أن يبقى الحال على ما هو عليه بالنسبة لعدد الإصابات اليومي، وهو الذي كان يتفق في ضآلته مع مستوى المستشفيات الحكومية لدينا بعددها المحصور، وقدرتها الاستيعابية المتواضعة وتجهيزاتها البسيطة وكوادرها غير الكافية.

 

ألم تتخذ من تجارب إيطاليا وبريطانيا وفرنسا أمثلة حية على عجزها في التصدي للوباء، لم تحرك الوزارة ساكنا لعام، وبقيت تنتظر التبرعات والمساعدات، ولم تجبر القطاع الصحي الخاص على المشاركة الفعالة في التصدي للفيروس.

 

كما أنها لم تضغط على الحكومة " ممثلة بوزارة الخارجية" في تواصلها مع الشركات المصنعة للقاحات كورونا المختلفة لتأمين وصولها لنا في الوقت المناسب، بل أيضا ننتظر اللقاحات على شكل منح ومساعدات، وفي نهاية المطاف، حين تصل اللقاحات، تفشل في الاستعداد المسبق بالقوائم الجاهزة.

 

كارثة حقيقية

فقاعدة المعلومات الضرورية غير متوفرة بعد، هل يعقل أن لا ي وجد سجلات مفصلة عن مرضى غسيل الكلى والسرطان في سجلات وزارة الصحة، ونطلب منهم الآن التوجه لدوائر الصحة في مناطقهم ومعهم التقارير الطبية التي تثبت مرضهم؟

 

وما هو إلا يوم على إعلان البدء بإعطاء اللقاح، فيتوجه المواطنون( المستحقون لتلقيه) إلى دوائر الصحة فيجدون اللقاحات قد نفذت، نعرف أن الكميات التي وصلت محدودة جدا، ووزعت على كافة مديريات الصحة في المحافظات.

 

ولكن أن يذهب المواطن بأمل الحصول على اللقاح ولا يجده، هذه كارثة حقيقية، لو اتبعت الوزارة أسلوبا أكثر مهنية، وهي من بادرت إلى الاتصال بالمرضى أو الوصول إليهم في بيوتهم،  وإعطائهم اللقاح، لوفرت عليهم التعب ومشقة الذهاب للمديريات، بأمراضهم وتقاريرهم الطبية، وجنبتهم الشعور بخيبة الأمل وتكبد عناء العودة مرة أخرى حين تصل دفعة جديدة من اللقاحات، لا عذر هنا أيضا ألتمسه..

 

عذرا وزارة الصحة، لا عذر مقبول لكل ما جرى ويجري حتى الآن، هناك تخبط واضح في الآلية المتبعة في كل شيء، منذ بداية الجائحة وحتى الآن…

 

المواطن هو السبب!!

المواطن الذي تم تحميله النتيجة الصعبة التي وصلنا لها، كان قادرا لو تمت مصارحته بالوضع المترهل للقطاع الصحي منذ البداية، وتم الطلب منه المساهمة مبكرا في تحسين هذا القطاع والوقوف إلى جانب الوزارة.

 

نرى الآن توفير المواطنين لأجهزة التنفس الاصطناعي، واستعداد غرف التجارة والصناعة لتأمين اللقاح لمواطني محافظاتها، ولا أستبعد إقبال المواطنين على شراء اللقاح إن تم توفيره في الصيدليات على امتداد الوطن، مع منع استغلال المستودعات للظروف الصعبة وبيعه بأكثر من تسعيرته الدولية …

 

هذا المواطن جمع بتبرعاته في صندوق وقفة عز الملايين، ولم تعط لمستحقيها، فلا تنتقصوا من شأن المواطن العادي، فهو قادر ومستعد، لكن ما ينقصه وربما يمنعه هو الثقة.

 

ونعود من جديد كما بداية الجائحة ، بإضراب للأطباء، فهل نلتمس العذر لهم ام نكيل الاتهامات؟ أم تتحمل وزارة الصحة كممثلة للحكومة المسؤولية عما يجري.. وهل سنبقى نبحث عن الأعذار ونلتمسها في كل مرة وفي كل اخفاق او تقصير…

إغلاق