قانونيون ونشطاء: إلغاء المادة 22 من مدونة السلوك إمعان في استبعاد الموظف

قانونيون ونشطاء: إلغاء المادة 22 من مدونة السلوك إمعان في استبعاد الموظف

الضفة الغربية – الشاهد| أثار قرار مجلس وزراء حكومة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية بإلغاء المادة رقم 22 من مدونة السلوك للوظيفة العمومية، والتي تمنح الموظف حقه في حرية الرأي والتعبير، موجة غضب في أوساط المواطنين والموظفين والنشطاء والذين اعتبروا القرار استمراراً لنهج قمع الحريات في الضفة.

قرار إلغاء المادة 22 والذي نشر في الجريدة الرسمية، جاء في ظل حالة الغليان التي تعيشها الضفة بعد جريمة اغتيال الناشط نزار بنات على يد عناصر أجهزة السلطة، وما تبعها من قمع وسحل للمواطنين والمحتجين، وكذلك القيام بعمليات فصل تعسفي لبعض الموظفين لانتقادهم الجريمة.

المادة 22 من مدونة السلوك تنص على أن للموظف العمومي الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير عن الرأي، على أن يوضح عند إبداء رأيه سواء بالنشر أو التعليق على مواقع التواصل الاجتماعي أن هذا يمثل رأيه الشخصي فقط ولا يمثل أي جهة حكومية يعمل بها.

ويتعارض إلغاء المادة مع نص المادة رقم 19 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل والتي تنص على "لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون".

رفض واسع للقرار

وقال الخبير القانوني حازم العاروي في تعقيبه على القرار: "قرار الحكومة الغاء المادة المتعلقة بحق الموظف العمومي في الابداء برأيه من قواعد مدونة السلوك دليل قاطع قدمته الحكومة بنفسها ونشرته في مجلة الوقائع ان انتهاكات حرية التعبير التي رصدت في الاراضي الفلسطينية هو عمل ممنهج تقوم به الحكومة وليست مجرد اخطاء فردية تقع من موظفين كما كانت تبرر ذلك من قبل".

وأضاف: "ويؤكد الادعاءات التي نشرتها مؤسسات حقوقية بأن الادارات الحكومية مارست ضغوطا على الموظفين العموميين لاجبارهم على سحب منشورات عن مواقع التواصل الاجتماعي بعد حادث مقتل الناشط نزار بنات".

واعتبر قرار حرمان الموظفين العموميين من حقهم الدستوري في التعبير عن رأيهم سيكون من اهم القرارات التي سينجم عن ردود فعل دولية ومحلية كونه صادر عن مجلس وزراء ومنشور بصورة رسمية وعلنية وطغى عليه طابع قانوني بنشره في الوقائع ولا تشوبه شبهة الشائعة.

الصحفي سامر نزال من جانبه اعتبر: "إلغاء المادة 22 من مدونة سلوك الوظيفة العامة ليس بالضرورة منع لحق الموظف من التعبير عن الرأي.. بالغاء هاي المادة يبقى الموظف يندرج ضمن المادة 19 من القانون الأساسي الفلسطيني والتي تنص على أن "لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن".

وأضاف: "لذلك مش عارف شو الداعي لهالقرار من الأساس ! بس للأسف بحس حكومتنا بتتفنن بتشويه سمعتها بموضوع الحريات أحياناً !".

فيما عبر الأسير المحرر عصمت منصور على القرار بالقول: "هكذا قرار يمكن ان يوصف فقط بأنه غبي، عدا عن كونه خطوة الى الخلف وتضييق على الحريات. نفسي افهم بس: سلطة ما بتلتزم باي قانون ومش شايفه الناس ولا سائلة في حد، ليش مضطرة تعدل قوانين؟".

وكتب الصحفي جهاد بركات: "المادة ٢٢ من مدونة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العامة وفق قرار مجلس الوزراء رقم ٤ لسنة ٢٠٢٠، كانت تسمح للموظف العام التعبير عن رأيه ونشره شريطة التوضيح أن ذلك الرأي يمثل رأيه الشخصي فقط".

وأضاف: "وأمس تم الإعلان عن قرار مجلس الوزراء رقم ٣ لسنة ٢٠٢١، والذي ينص على إلغاء هذه المادة، وتم نشر القرار في عدد ١٨١ من الجريدة الرسمية الصادر أمس ٢٧/٧/٢٠٢١ مع العلم أن القرار موقع بتاريخ ٥/٧/٢٠٢١".

وتابع: "ماذا يترتب على ذلك؟ هل يمكن أن يؤسس لمنع تعبير الموظف العام من التعبير عن رأيه بحرية؟ أم يزيل ذلك أية قيود عن تعبير الموظف عن رأيه؟".

فيما قال الناشط عقيل عواودة: " صباح الخير للبلاد وأهلها.. عزيزي موظف الدولة بحب اخبرك انه الدولة شطبت المادة 22 من اخلاقيات الوظيفة العامة والتي كانت تمنح الموظف الحق بالكتابة والتعبير عن الرأي. مش بكره تتورط وتحكي وتقول معيش خبر".

فصل تعسفي

هذا ونشرت الجريدة الرسمية الفلسطينية صباح الثلاثاء الماضي، مرسوماً رئاسياً بقضي بإقالة رئيس مجلس إدارة المكتبة الوطنية إيهاب بسيسو من منصبه على خلفية قيام بكتابة منشور على فيسبوك انتقد فيه جريمة اغتيال الناشط نزار بنات.

وأفادت مصادر مقربة من بسيسو أن قرار الإقالة الذي تم اتخاذه منتصف الشهر الجاري، كان بسبب قضية نزار بنات، مشيرةً إلى أن قيادة السلطة الفلسطينية طلبت من جميع المسؤولين والموظفين عدم التعبير عن إداناتهم لما حدث مع بنات أو قمع المظاهرات في رام الله.

كما وكشف الروائي الفلسطيني فاروق وادي أن قنصلية السلطة في لشبونة البرتغالية أقدمت على فصل ابنته من عملها في السفارة بسبب موقفها من اغتيال الناشط نزار بنات.

وقال وادي في مقال له بعنوان "كفى"، إن القنصلية ودون سابق إنذار فصلت شهد وادي من عملها بقرار من وزير خارجية السلطة رياض المالكي، مشيراً إلى أنه تم إبلاغ الصندوق القومي للعمل فوراً على حصر حقوقها لنهاية الخدمة.

خنق الحريات

وسبق أن أكد "الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان"، أنه يمتلك معلومات وردت له من مواطنين حول تجاوزات إدارية في مؤسسات عامة تنتهك الحق في حرية الرأي والتعبير، بإصدار تعليمات شفهية تعرّضَ بموجبها عدد من الموظفين للتهديد بالفصل من الوظيفة العامة.

وذكر الائتلاف، أن التهديدات الشفهية وجهت لكل من يعلق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو يشارك في التجمعات السلمية المنددة باغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات.

وأكد "أمان" أنّه وجّه رسالة بهذا الخصوص إلى رئيس الحكومة محمد اشتية، تضمنت التأكيد على أهمية تحييد وعدم تسييس الوظيفة العامة، واحترام الحق في حرية الرأي والتعبير للكل الفلسطيني.

ولفت إلى ان الحق في التعبير عن الرأي كفله القانون الأساسي المعدل في المادة 19 (لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون).

إغلاق