عهد التميمي تكشف الذباب الإلكتروني بمواقفها الجرئية ضد عباس وسلطته

عهد التميمي تكشف الذباب الإلكتروني بمواقفها الجرئية ضد عباس وسلطته

رام الله – الشاهد| أعادت الناشطة الفلسطينية عهد التميمي، بتصريحاتها الأخيرة المنحازة بوضوح إلى خيار المقاومة، إشعال الجدل في الساحة الفلسطينية، ليس بسبب حدّتها أو غرابتها، بل لأنها لامست جوهر الأزمة السياسية الفلسطينية، وكسرت واحدًا من أكثر الخطوط الحمراء حساسية لدى السلطة الفلسطينية وأنصارها الرقميين.

الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين وصف مداخلة عهد التميمي التي فجّرت موجة الهجوم عليها بأنها “كلام عميق وجريء وصريح”، مؤكدًا أن ما أثار غضب السلطة و”سحيجتها” ليس لهجتها، بل مضمون ما قالت.

وبحسب عز الدين، تحدثت التميمي بوضوح عن وجوب رحيل السلطة الفلسطينية وعدم جدوى الحوار معها والتأكيد أن منظمة التحرير (م.ت.ف) هي الجهة التي تمثل الشعب الفلسطيني، واتهام السلطة بتقمص دور “الضحية والمسكنة” بدل مواجهة مسؤولياتها، ونصيحتها لمسؤوليها “بالعلاج من هذا المرض”، في توصيف سياسي لاذع لحالة الإنكار التي تعيشها القيادة.

المشكلة: أنها من داخل فتح

يشير عز الدين إلى أن أحد أسباب الهجوم الشرس على عهد التميمي يعود إلى كونها محسوبة تاريخيًا على حركة فتح، بل سبق أن احتفت بها أوساط رسمية وإعلامية ووصفتها بـ”الأيقونة” بعد اعتقالها عام 2017.

لكن، وفق التحليل، فإن ثباتها على المبدأ وجرأتها في قول ما تعتبره “كلمة الحق”، حتى لو كلّفها ذلك الملاحقة أو السجن – سواء لدى الاحتلال أو لدى السلطة – هو ما جعلها هدفًا مباشرًا لحملة منظمة.

ولا تأتي تصريحات عهد التميمي بمعزل عن سياق أوسع، إذ يلفت عز الدين إلى أن الانتقادات العلنية للسلطة من شخصيات محسوبة على فتح تتزايد.
فبعد انتقادات حادة وصريحة وجّهها المفكر والمؤرخ الفلسطيني رشيد الخالدي للسلطة في وقت سابق، تأتي مواقف عهد وغيرِها لتُراكم حالة من التآكل في الشرعية الداخلية (الفتحاوية) للسلطة.

ويرى محللون أن هذا المسار يفتح علامات استفهام جدية حول مستقبل القيادة الفلسطينية، وقدرة شخصيات مثل حسين الشيخ على وراثة رئيس السلطة محمود عباس في ظل هذا التراجع في القبول الشعبي والتنظيمي.

انخراط إعلامي خارجي في الحملة

وفي تطور لافت، أشار عز الدين إلى انضمام قناة “جسور نيوز” المتخصصة في مهاجمة المقاومة إلى حملة الهجوم على عهد التميمي، في تقاطع واضح مع خطاب “سحيجة السلطة”، بحسب توصيفه.

ويأتي ذلك، وفق مراقبين، في سياق أوسع من تداخل الأدوار الإعلامية والسياسية في المنطقة، حيث تُستخدم بعض المنصات لتصفية حسابات مع كل خطاب فلسطيني يرفض التطبيع أو ينتقد بنية “سلطة أوسلو”.

ما هي “جريمة” عهد؟

يختصر كثيرون “جريمة” عهد التميمي في جملة واحدة: أنها قالت إن قادة السلطة أصبحوا عائقًا أمام الشعب الفلسطيني وقضيته، وإن بقاءهم يكرّس المأزق بدل حله، داعية إلى رحيلهم.

هذا الموقف، الذي يعبّر عنه قطاع واسع من الفلسطينيين، جرى التعامل معه باعتباره تهديدًا سياسيًا، لا رأيًا مشروعًا، ما كشف – بحسب متابعين – حجم الهشاشة السياسية التي تعيشها السلطة أمام أي خطاب نقدي صادر من داخل البيت الفتحاوي نفسه.

وفي المحصلة، لا تمثل عهد التميمي فردًا بقدر ما تمثل حالة سياسية وشعبية نشأت في المواجهة المباشرة مع الاحتلال، ورفضت التكيف مع معادلات أوسلو.

ويذهب محللون إلى أن الهجوم عليها يعكس تكامل أدوات متعددة: خطاب رسمي مأزوم، ذباب إلكتروني منظم، ومنصات إعلامية إقليمية، في مواجهة أي صوت فلسطيني يعيد الاعتبار لمفهوم المقاومة بوصفها حقًا، لا تهمة.

وتبقى عهد التميمي، رغم كل محاولات التشويه، نموذجًا لجرأة الكلمة حين تنبع من تجربة نضالية حقيقية، وتذكيرًا بأن الأزمة الفلسطينية اليوم لم تعد في نقص الرموز، بل في فائض الخوف من الحقيقة..

إغلاق