فشل صحي وأخطاء طبية.. كم مستشفى أنشأت السلطة منذ تشكيلها؟

فشل صحي وأخطاء طبية.. كم مستشفى أنشأت السلطة  منذ تشكيلها؟

الضفة الغربية – الشاهد| دفع الفشل المدوي لوزارة الصحة في مواجهة جائحة كورونا خلال الأيام الماضية، واضطرار المرضى لافتراش الأرض في ظل الاشغال الكامل لأسرة المستشفيات، إلى طرح تساؤلات جدية عن عدد المستشفيات التي أنشأتها السلطة الفلسطينية وحكومات فتح منذ عام 1994، وخططها في مواجهة الأزمات الصحية.

الاحصائيات الرسمية تظهر أن الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس يتواجد بها 84 مستشفاً (52 منها في الضفة وشرق القدس)، تشمل المستشفيات العامة والتخصصية والولادة والعلاج الطبيعي، تدير وزارة الصحة برام الله 28 مستشفاً فقط فيما باقي المستشفيات تصنف على أنها خاصة.

فيما يبلغ عدد المستشفيات الحكومية في الضفة، من دون القدس، 15 مستشفاً بسعة سريرية 1749 سريرًا، تعادل 49.5% من إجمالي الأسرة في الوزارة، وعلى الرغم من عدد تلك المستشفيات والأسرة إلى أن الجائحة كشفت عن حجم الفساد والضعف في الخدمات الصحية المقدمة للمرضى.

أموال وتبرعات خارجية

جميع المستشفيات الحكومية الفلسطينية بنيت بأموال خارجية والتي تصل السلطة منذ إنشائها عبر تبرعات ومنح الدول والمؤسسات الداعمة للشعب الفلسطيني على مستوى العالم، فيما لم تنشأ أي حكومة فتحاوية منذ تشكيلها على أي مستشفى من المال العام الفلسطيني الذي تقوم بجبايته من المواطنين.

وتجبر الجهات والدول الداعمة السلطة الفلسطينية على وضع أسماء شخصيات في تلك الدول لتخليدها، ومن أمثلة تلك المستشفيات "مستشفى الشيخة فاطمة بنت المبارك العسكري، مستشفى هوجو تشافيز، مستشفى الأميرة عالية الحكومي، وغيرها من المستشفيات".

في المقابل تتغنى حكومات فتح بالإنجازات في الجانب الصحي على الرغم من أن جميع المستشفيات والمستلزمات الطبية هي بمثابة مساعدات وتبرعات من دول حول العالم، ورغم ذلك يذهب المسئولين في السلطة وحركة فتح إلى المستشفيات الإسرائيلية أو مستشفيات الدول الغربية لتلقي العلاج إذ لا يثقون في الخدمة الطبية الفلسطينية.

سوء الخدمة والأخطاء الطبية

يشتكي المراجعون للمستشفيات في الضفة الغربية من سوء الخدمة المقدمة، ناهيك عن ارتفاع أعداد حالات الوفيات بسبب الأخطاء الطبية، والتي عادةً ما تنتهي بإعفاء الطبيب من المسئولية والاكتفاء بإغلاق ملف المريض وتسجيل الوفاة بأنها طبيعية أو بسبب مرض ما.

وسردت الهيئة المستقلة لحقوق الانسان أبرز أسباب الإهمال الطبي الذي تعاني منه المستشفيات ويدفع ثمنه المرضى، إلى إهمال الممرضين، والأخطاء الطبية في تقديم العلاج المناسب وتحديداً التخدير، ونقص التجهيزات الطبية لإجراء العمليات، وعدم كافية الطواقم الطبية المتخصصة، وعدم دقة التخصصات.

ويضطر عدد لا بأس به من المواطنين إلى التردد على المستشفيات الخاصة، لعلاج مرضاهم ودفع تكاليف مالية باهظة في سبيل الحصول على خدمة علاجية أفضل، واهتمام جيدة من قبل طواقم وإدارات تلك المستشفيات.

مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار دويك ذكر في مقالة له إن في فلسطين يوجد فراغ تشريعي مريع في موضوع الأخطاء الطبية، وبالتالي فإن الأمر متروك للأحكام العامة الإدارية والقضائية التي تتعلق بالمسؤولية المهنية والإهمال والخطأ، وهي أحكام غير كافية وغير مناسبة لمعالجة موضوع معقد مثل الأخطاء الطبية.

وأضاف: الأخطاء الطبية هي نتيجة لضعف الإمكانيات والضغط الشديد على المرافق الطبية ونقص عدد الأطباء في بعض الحالات بحيث يضطر الطبيب للعمل ساعات طويلة والكشف على عشرات المرضى، ما يزيد نسبة احتمال الخطأ.

ومثلت قضية الطفل أمير محمد خضير من بلدة بير نبالا شمال غرب القدس، والذي توفي بعد 3 أعوام من تعرضه للشلل الدماغي اثر خطأ طبي بإحدى مشافي رام الله، قضية رأي عام، وجرت انتقادات واسعة على وزارة الصحة برام الله.

وكان الطفل أمير خاض رحلة علاج استمرت ثلاث سنوات نتيجة تعرضه لخطأ طبي خلال إجراءه عملية لاستئصال لوزتيه.

العلاج بالخارج

في ظل الرعاية الصحية المتدنية وغياب الخبرات في المستشفيات الفلسطينية وتحديداً في تخصصات الأمراض المستعصية، يضطر بعض المرضى لأخذ تحويلة طبية للعلاج في الخارج (مصر أو الأردن أو مستشفيات القدس والمستشفيات الإسرائيلية).

ولكن الحصول على تحويلة طبية فأنت بحاجة لانتظار أسابيع طويلة وحتى أشهر، ناهيك عن حاجتك لواسطة قوية كي تتمكن من الحصول على نموذج طبي رقم 1 وفقاً لبتروكول وزارة الصحة لكي يتم تقديم تحويلة العلاج بالخارج.

الإحصاءات الفلسطينية أظهرت أن عام 2019، شهد 104.881 تحويلة إلى العلاج في الخارج، بتكلفة إجمالية بلغت 924.084.880 شيكلاً، تقدم حكومات فتح المتعاقبة جزء من تلك الأموال فيما يتبقى جزء كبير منها كديون بانتظار الحصول على تمويل خارجي لسدادها.

وبلغ عدد المرضى الذكور المحولين للعلاج خارج مرافق وزارة الصحة 29.543 ذكراً، بنسبة قدرها 54.2%، وبلغ عدد المرضى الإناث المحولات للعلاج خارج مرافق وزارة الصحة 24.965 أنثى، ونسبتهن 45.8% من عدد المرضى المحولين في العام 2019.

رئيس السلطة وزعيم حركة فتح محمود عباس كان آخر الشخصيات الرسمية التي ذهبت للعلاج في الخارج على نفقة الخزينة العامة، إذ أجرى عباس فحوصات طبية في ألمانيا قبل عدة أيام، على الرغم من أن تلك الفحوصات يمكن إجراؤها في أي مستشفى بالضفة الغربية.

في المقابل، استنكر عدد من المواطنين الفلسطينيين قبل عدة أيام منع أطفال مرضى الكلى، من السفر وعدم إصدار تحويلات طبية لهم؛ ليتمكنوا من تلقي علاجهم في مستشفيات الضفة الغربية ودولة الاحتلال.

اضراب الأطباء

وعلى الرغم من سوء الخدمة المقدمة في غالبية المستشفيات الحكومية، إلا أن الأطباء يطالبون بزيادة في رواتبهم، وهو الأمر الذي دفعهم منذ أشهر للقيام باضرابات واعتصامات في مرافق وزارة الصحة والمستشفيات للضغط على حكومة اشتية لرفع نسبة الرواتب.

وسبق أن هددت وزارة الصحة الفلسطينية الأطباء المضربين بالمساءلة القانونية في حال عدم عودتهم لأماكن عملهم، محملةً إياهم مسئولية حياة المرضى في المستشفيات.

فيما أعلن بعض المحافظين وفي مقدمتهم محافظ نابلس اللواء إبراهيم رمضان، بالاستعانة بطلاب التمريض في الجامعات الفلسطينية للقيام بدور الاطباء الذين يخوضون اضرابا عن العمل احتجاجا على تجاهل الحكومة لمطالبهم.

الفشل في ملف كورونا

وأظهرت الأشهر الأخيرة فشل وزارة الصحة في العديد من الملفات الطبية، والتي كان في مقدمتها مواجهة وباء كورونا، وهو الأمر الذي أدى لفقدان عشرات المرضى حياتهم، ناهيك عن فقدان السيطرة على تفشي الوباء.

واضطر مئات المرضى لافتراش الأرض في ظل اشغال الأسرة بالمستشفيات جراء الأعداد الكبيرة للمصابين، وعدم وجود خطط صحية لمواجهة الوباء وموجاته المتلاحقة.

فضيحة اللقاحات

ورافق ذلك الفشل، فضيحة توزيع لقاحات كورونا التي قدمت للمسئولين ومرافقيهم، فيما ترك المرضى وكبار السن يصارعون الموت على أسرة المستشفيات.

وكانت وزارة الصحة تورطت في فضيحة توزيع اللقاحات على عدد من المسؤولين في السلطة والمقربين منهم ومرافقيهم وعائلاتهم، وعدد من الصحفيين المحسوبين عليها منتصف فبراير الماضي، بخلاف شروط الأولوية التي أعلنتها وزارة الصحة.

وذكرت مصادر خاصة أن أغلب العاملين في تلفزيون فلسطين مثلا تلقوا اللقاح، فيما قال التلفزيون الإسرائيلي إن وزيرا في حكومة اشتية تلقى اللقاح مع بقيت أفراد عائلته.

واعترفت وزارة الصحة بتلك الفضيحة وقالت إنها قامت بإعطاء جزء كبير اللقاحات التي تلقتها وتكفي لـ4900 شخص، لفئات ليس لديها حاجة مُلِحة لتلقي اللقاح، بينما أهلمت تمام ذكر المرضى والمسنين الذين هم بحاجة ماسة للقاح أكثر من غيرهم.

وقالت الوزارة في تصريح رسمي لها، نشرته على صفحتها على فيسبوك، إنها قامت بإعطاء اللقاح لوزراء حكومة محمد اشتية، ورجال الأمن العاملين في الرئاسة ومجلس الوزراء، الذين يحتكون بشكل مباشر مع رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة محمد اشتية.

الحقوقي عصام عابدين، رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق، اتهم السلطة بممارسة الفساد في إدراتهم لملف كورونا، وكتب على صفحته معلقا: "ملف اللقاحات غارق بالفساد ورئيس الوزراء اشتية ووزيرة الصحة كيلة لازم يكونوا بالسجن والمسؤولين وأولادهم بدهم تربية وهيئة مكافحة الفساد تصلح محل لبيع الميرمية، طلعت ريحتكم".

إغلاق