كتبت أسماء سلامة: خارجيتنا.. خارج التغطية

كتبت أسماء سلامة: خارجيتنا.. خارج التغطية

رام الله – الشاهد| كتبت أسماء سلامة: من المؤسف أن يظهر حجم نجاحنا كشعب فلسطيني في شتى أماكن تواجده حول العالم، في إعادة الزخم لقضيتنا العادلة، وحشد التضامن والدعم من مواطني دول العالم وبعض حكوماتها، إخفاق وزارة خارجيتنا في أداء جوهر مهامها.

 

ففي الوقت الذي عمل فيه الفلسطينيون على إخراج شوارع العالم عن صمتها، وبث الروح في نبضها من جديد، تجاه القضية الفلسطينية، وبدل أن يكون ذلك كله داعما ومساندا لدور وزراة من المفترض أن يكون هذا هو الهدف الأساسي لسفرائها في العالم، كشف مدى الضعف في أدائها، وكأن كل منا يسير في اتجاه مختلف.

 

 

أسطول السفراء في دول العالم، الموظفون في وزارة الخارجية الفلسطينية، والذين ندفع رواتبهم، وبدلات كثيرة وميزات، نظير قيامهم بواجبهم الوطني، ونقل الرواية الحقيقية عن القضية الفلسطينية، نجدهم أضعف من يتحدث عنها، وآخر من ينشط في الدفاع عنها.

 

حتى في أبسط الأمور ، كأن يخرج في مقابلة تلفزيونية ليجيب على بعض الأسئلة، أو يشارك في فعالية تدعم وطنه، أو أن ينظم هو مثل تلك الفعاليات التي يدعو فيها شعب الدولة التي يمثل فلسطين فيها، فهم فقط يتعاملون مع تلك المناصب كوظائف تقدم لهم الرواتب العالية والميزات الكثيرة.

 

في طريقة الإدارة في الشركات، وربما بشكل متخصص أكثر في شركات القطاع الخاص حيث يحكم الأداء على البقاء والارتقاء في المنصب والعلاوات وزيادة الرواتب، يبقى المدير أو رئيس مجلس الإدارة بعيدا عن أداء بعض المهام الموكلة لبعض الموظفين، في الوظائف العليا.

 

وفي الوقت الذي يجد نفسه مضطرا للقيام بهذه الأعمال، يكون السؤال المنطقي : لماذا أدفع تلك الرواتب لأشخاص نظير قيامهم بهذه الأعمال، واضطر للقيام بها، فيكون الجواب حاضرا، إما أن يتم استبدالهم، او الاستغناء وشطب مسمياتهم الوظيفية من الهيكلية بشكل جذري.

 

إذ لا يعقل أن تدفع المال مقابل العمل، وتقوم أنت بأدائه بنفسك.. لا هدر أكبر من ذلك. ولكن مع الأسف الشديد ذلك مغيب في مؤسساتنا الحكومية، حيث لا وجود لتقييم لأداء، ولا محاسبات على الضعف في القيام بالواجبات.

 

لقد تولى الشعب وظيفة سفراء الخارجية، وحقق ما عجزوا عن تحقيقه على مدى عقود، ولم ينج منهم ومن بعثاتنا الدبلوماسية في معظم دول العالم، سوى إثقال كاهل موازنتنا بمصاريف ونثريات تحرق دون إنجازات وعمل جدي ونتائج ملموسة على أرض الواقع، بل إخفاقات متتالية.

 

فمن إخفاق الخارجية فيما كان يسمى" عزل اسرائيل دوليا" والذي تبين أنه سراب، واستطاعت دولة الاحتلال بعد استعراض خارجيتنا بأنها نجحت في عزلها دوليا، أن تتسلل إلى البيت العربي، وتوقيع الاتفاقيات المتتالية مع الدول العربية، وفتح سفارات لها على  أرض العرب، ويغزو مواطنوها البلاد العربية بطريقة رسمية وعلى مرأى الجميع، إلى الإخفاق الأخير في استثمار ما حققه الشعب من اجتياح لشوارع العالم، وحشد تأييد منقطع النظير، وكشف ممارسات الاحتلال وجرائمه بحق شعبنا.

 

وإن كانت الخارجية بسفاراتها أخفقت في الخطوة الأولى( حشد التأييد، و نقل صورة الواقع والرواية الصحيحة)، ولم تكن حاضرة في الخطوة الثانية( استثمار ما حققه الشعب نيابة عنها)، فما الدور المتبقي لها على صعيد العمل الدبلوماسي، وما الذي يمكن لنا كشعب فلسطيني أن ننتظره منها، لم تكن السفارات فقط من أجل مراعاة شؤون طلبة في هذه البلد أو تلك، ولا فقط من أجل إقامة حفل لإحياء مناسبة وطنية، الدور الأساسي أعمق من ذلك بكثير، هو القضية بكاملها.

 

ما نراه اليوم من مشاهد من أماكن مختلفة من العالم، كرفع العلم الفلسطيني في هذا الشارع، أو وضع الكوفية الفلسطينية على كتف هذا الرئيس، أو رفع العلم من قبل فريق رياضي في مباراة مهمة، وخروج مواطني الدول للشارع إلى جانب الجاليات الفلسطينية والعربية لنصرة الشعب الفلسطيني والهتاف لصالح قضيته، ودعم وتنشيط حملات المقاطعة لبضائع مستوطنات الاحتلال… هو إنجاز للشعب الفلسطيني، ومؤيديه في العالم، وللأسف لم يكن للخارجية أي فضل في ذلك.

 

فإلى متى ستبقى الحكومة تغض البصر عن الاخفاقات المتكررة للخارجية، وإلى متى سيبقى الحال على ما هو عليه، وإلى متى ستبقى الوظيفة الدبلوماسية مصدرا للميزات والتسهيلات والتكسبات المادية، وإلى متى ستبقى تلك المناصب حكرا على من لا يحملون القضية معهم، ولا يعتبرونها شغلهم الشاغل.

 

ألم يحن الوقت بعد لإعادة نظر جذرية في السياسة التي تعتمدها الخارجية في عملها، ابتداء من انتقائها للعاملين في السلك الدبلوماسي، والفترات الزمنية التي يقضونها في مناصبهم، والمعايير التي تؤهل البعض منهم للاستمرار في عمله، أو الاستغناء عنه، ومحاسبة كل متخاذل في أداء عمله.

 

ألم يحن الوقت لتحديد الأهداف التي يجب على العاملين في السلك الدبلوماسي تحقيقها.. ووضع السقف الزمني لكل منهم لتقييم أدائه وقياس مدى نجاحه في أداء مهامه…

 

أعتقد أن المنطق يقول أن المعايير التي يجب أن يحدد بناء عليها اختيار العاملين في هذه الوزارة عليها أن تكون أعلى بكثير من حجم الميزات التي سيتمتعون بها، فلينعم من يستحق بهذا الميزات، وليحصل الوطن على أضعاف مايمنح، لا أن ندفع ثمن ضعف وتحييد وغياب ومصالح خاصة.

 

ألم يحن الوقت للعمل بنظام المؤسسات الصحيح، الواضح المعالم فيما يتعلق بالوظائف والكفاءات وسياسات العمل، وقوانين الترقيات والعقوبات.

 

وإن كانت خارجيتنا في الفترة الماضية خارج التغطية في أهم الظروف التي احتجنا لوجودها ودورها الفاعل عالميا، فما الذي يمنع أن تكون خارج الخدمة نهائيا، ونستبدلها بمن يعمل بجد ويستحق الامتيازات.

إغلاق