عام على الطوفان والمقاومة في عنفوان

عام على الطوفان والمقاومة في عنفوان

رام الله – الشاهد| خط الكاتب الفلسطيني أحمد الزاغة مقالاً في الذكرى الأولى لمعركة “طوفان الأقصى” والتي تصادف الـ 7 من أكتوبر من كل عام، والتي وجهت من خلالها المقاومة الفلسطينية ضربة غير مسبوقة للاحتلال وجيشه، مستذكراً المحطات المهمة التي وضعتها تلك المعركة لإعادة إحياء القضية الفلسطينية، وفيما يلي نص المقال.

لم يكن السابع من اكتوبر عام 2023 يوماً عادياً والذي سيكتمل بعد ايام عامه الأول، بل كان يوماً مشهوداً واذاق دولة الكيان ضربة في الصميم سقطت معها مقولة الجيش الذي لا يقهروغير وجه العالم واعاد للقضية الفلسطينية الحياة لتكون متصدرة القضايا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكل المؤسسات والمنظمات الدولية في كل بقاع العالم، واصبح العلم الفلسطيني يرفرف في كل عواصم العالم رغم القمع وكشف زيف حقيقة الديمقراطية عندما تصل الأمور التضامن مع الشعب الفلسطيني وادانة لدولة الكيان الصهيوني، دولة الابارتهايد والإبادة الجماعية والتي هي اوهن من بيت العنكبوت كما قال سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله.

كما اثبتت بما لا يدعو مجال للشك بان محور المقاومة على قدر كبير من التنسيق والتفاهم بالنسبة للضربات الموجعة لدولة الكيان والتي كانت تعتقد انها بعيدة عن المواجهة وان امنها اقوى امن في المنطقة لتتكشف الحقيقة وانه لولا تحالفها مع الامبريالية العالمية وعلى راسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الناتو لما بقيت يوماً واحداً على قيد الوجود.

وبعد مرور عام على “طوفان الأقصى” وعلى الحرب المسعورة وحرب الإبادة التي لا زال يشنها الإحتلال الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني المناضل في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وهي أطول حرب يشنها العدو الإسرائيلي منذ قيام دولته الى الآن والذي تعود على حروب خاطفة يحقق فيه الانتصارات السريعة؛ مستخدماً الترسانة العسكرية الممولة أمريكياً واوروبياً قام بواسطتها بتدمير ومسح حوالي 80% من مباني القطاع وارتقى خلالها العديد من الضحايا الأبرياء وما يزيد على 41000 شهيد منهم 16900 طفل و11500 امراة و 2400 مسن.

ناهيك عن اعداد لا باس بها من الصحفين والأطباء والمعلمين والعلماء، بالاضافة الى ما يزد عن المئة الف جريح و و اكثر من عشرة آلاف مفقود…الخ. لقد كانت ساحة القطاع الحبيب مسرحاً لتجارب ما انتجته الترسانة العسكرية الأمريكية والأوروبية والصهيونية الجوية والبرية والبحرية، ورغم فداحة الخسائر الا ان المقاومة لازالت صامدة وتلقن العدو المزيد والمزيد من الخسائر وتلقنه معنى المقاومة والصمود في هذه الحرب الصهيونازية والتي لا يستقوي فيها الا على المدنيين والمباني من خلال فرض الحصار والترحيل والنزوح المستمر الى حرب المجاعة والتعطيش للألوف والتي لم يمارسها النازيون في الحرب العالمية الثانية الا في حصارهم لمدينة ليننيغراد والذي استمر 900 يوم. واما العدو فقد تكبد 2565 جندياً قتيلاً وجرح أكثر من 7200 جندي وفق اعترافاته إضافة الى تدمير مئات دبابات الميركافا وناقلات الجند والجرافات

رغم ذلك وبعد توسع الحرب لتشمل لبنان الحبيب وتدمير الضاحية الجنوبية وستهداف العديد من قادة حزب الله وعلى راسهم سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله والذين اذاقوا واوجعوا الاحتلال بضرباتهم من اصبع الجليل وطبرياوصفد وتل ابيب الى حيفا وما بعد حيفا، ورغم استمرار هذه الحرب الشعواء الا ان الاحتلال لم يحقق اهدافها ولم يستعيد اسراه ولم يستعيد الأمن والأمان الى قطعان المستوطنين الذين تركوا بيوتهم في الشمال ونزحوا كما نزح سكان القطاع ولم يقضي على المقاومة سواء في قطاع غزة او في الضفة الغربية او في لبنان، بل ان ازمته تفاقمت وعظمت بعد ان غاص في وحل غزة لتكمل عليه وحل لبنان. وتستمر المقاومة في غزة والضفة الغربية بتوجيه الضربات الموجعة للاحتلال موقعة فيه الخسائر في الأرواح والممتلكات وتفقده صوابه لينتقم من المدنيين العزل.

وبعد طول انتظار وتشكيك في ايران والتي تعتبر راس حربة لمحور المقاومة وبعد استشهاد اسماعيل هنية على اراضيها ووعدها بالرد على اختراق حرمة اراضيها وبعد استهداف قادة حزب الله مؤخراً وعلى راسهم الشهيد نصر الله وبعد ان شكك الكثيرون بجدية تهديدها بالرد المزلزل على دولة

الكيان، جاء الرد باطلاق الصواريخ البالستية من طهران الى جميع مدن فلسطين المحتلة والمستعمرات الصهيونية وعلى راسها مدينة تل ابيب ومطار بن غوريون وغيرها في ليلة الأول من اكتوبر والتي اضاءت فيها الصواريخ سماء فلسطين كليلة فرح في موسم القطاف بعد طول انتظار، الا ان الاستهداف طال العديد من الاماكن والمنشاءات واهمها قاعدة الموساد، وقاعدة نيفاتيم الجوية وقاعدة حتسريم الجوية واماكن الردارات ومراكز تخزين الدبابات، وهذه افقدت العدو صوابه وثقته بجيشه وقوة الردع التي كان يتمتع بها، واذا قامت بالرد على الهجمم الايراني فكيف سيكون الهجوم المضاد وخصوصاً ان الصواريخ الاعتراضي لم تتمكن الا من اسقاط بعضها فقط. وتسبق انطلاق الصواريخ العملية النوعية لمقاومين تمكنوا من الصول ليافا وفتح النار على المستوطنين والجنود تؤدي لمقتل ثمانية واصابة العشرات قبل ارتقائهما شهداء على طريق القدس.

وبعد مرور عام على الطوفان والحرب غير العادلة الا انه كان لها الكثير من النتائج الايجابية رغم فداحة الخسائر البشرية والمادية ومنها:

1.اسقطت مقولة الجيش الذي لايقهر وكشفت هشاشة المجتمع الاسرائيلي.

2.تم اختراق الحدود مع غزة بكل سهولة من قبل رجال المقاومة.

3.تم التوغل في اراضي فلسطين المحتلة لكيلومترات قبل تحرك جيش العدو والذي كان منهاراً تماماً بعد مفاجأة عبور كتائب القسام وسرايا القدس وغيرها من قوى المقاومة، وبذلك حققت انتصاراً نوعياً عجزت عنه جموع الجيوش العربية في دفاعها عن فلسطين في عام 48.

4.تم قتل عدد لا باس به واسر العديد من جنود العدو ومدنيه بهدف مبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين المحتجزين في باستيلات العدو.

5.ارجعت القضية الفلسطينية الى سلم صدارة الأحداث وفي مؤسسات الأمم المتحدة وجعلت العلم الفلسطيني يرفرف في كل دول العالم.

6.اظهرت بشاعة ونازية الاحتلال الصهيوني امام الرأي العام العالمي وعدم التزامه بالقوانين والمواثيق الدولية باستهدافه المدنيين والصحفين والأطباء وتدميره للمنازل والمستشفيات والكنائس والمساجد والمدارس والجامعات ودور الايواء.

7.كشفت زيف العالم المسمى بالحر وعدم مصداقية ديمقراطيته عندما يتعلق الأمر بفلسطين.

8.زادت من وتيرة الهجرة المعاكسة للمستوطنين واليهود الى خارج اسرائيل.

9.الحقت خسائر فادحة في الاقتصاد الاسرائيلي والتي ادت الى انهيار عملة الشيكل مقابل سلة العملات.

10.اثبتت تماسك محور المقاومة وزيادة التنسيق بين اطرافه في مواجهة دولة الكيان.

11.أظهرت ان دول العالم وعلى راسهم امريكا تكيل بمكيالين وتشجع العدو على الاستمرار بالإبادة الجماعية وتعجز عن إعلان دائم لوقف إطلاق النار وإنقاذ المدنيين الأبرياء وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، بل تقوم بإمداد العدو بكافة أنواع الأسلحة المتطورة تنفيذاَ لذلك.

12.اثبتت المقاومة انه ان توفرت الإرادة في القتال والدفاع عن ثرى الوطن فان النصر يكون اكيداً.

13.أظهرت التفاف الجماهير العربية حول المقاومة والاستعداد لدعمها ان فتحت الحدود وتقديم يد العون لها.

14. زادت من عدد الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية.

15.جعلت فلسطين تتبوأ مقعدها الدائم في الأمم المتحدة بعد ان كانت دولة مراقب.

16.جعلت محكمة الجنايات الدولية في لاهاي تصدر قراراً بإدانة إسرائيل كدولة احتلال على حرب الإبادة التي تشنها في قطاع غزة وأصدرت مذكرات اعتقال بحق المجرمان بنيامين نتنياهو ووزير حربه غالانت.

17.وحدت الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع في مواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه بعد الانقسام الذي حصل في عام 2007.

18.اسقطت خطة نتنياهو في فتح الطريق البرية من الامارات الى اشدود وفتح قناة تصل بين ايلات والبحر الأبيض المتوسط لتكون بديلاً عن قناة السويس، واسقطت مسيرة تطبيع العلاقات مع السعودية.

ولا بد من الإشارة الى ان هذه الذكرى تحمل في طياتها بشائر النصر وزوال دولة الكيان ولكنها تحتاج استمراً للإسناد والدعم للمقاومة من اجل استكمال هذا الانتصار مؤكدين على مقولة سيد المقاومة “هيهات منا الذلة”، فها هو شهر أكتوبر ينير لنا درب النصر ويزيل ظلام أيلول الأسود والذي خسرت فيه المقاومة والشعبين الفلسطيني واللبناني أعظم الخسائر، ولكن الرد الإيراني جاء ليثأر لدماء الشهداء وعلى راسهم الشهيدان سماحة السيد حسن نصر الله وإسماعيل هنية.

 

إغلاق