كتب خالد بطراوي: هل الرقابة غائبة في إمبراطورية البنوك؟

كتب خالد بطراوي: هل الرقابة غائبة في إمبراطورية البنوك؟

رام الله – الشاهد| كتب خالد بطراوي: كتب الصديق والأخ الدكتور حسن أبو لبدة على صفحته الفيسبوكية قائلا "التغول المصرفي في نسخته الفلسطينية يتجلى في منظومة تشليح وطني للمودعين ورفع تكلفة الخدمات والتسهيلات المصرفية بشكل مرهق ومدمر.

 

وإنني أدعو سلطة النقد وجهازها الرقابي لردع بعض من يرى بنفسه كيانا فوق القانون وفوق المساءلة في هذا القطاع الحيوي والحساس".  إن ما يقلق في سلوك بعض المصارف عملها وفقا لشعار "لفتك ما لفتك" وممارسة سرقة المواطن "عينك عينك"، وهناك أطنان من الأمثلة على ذلك.

 

ناهيك عن بعض الممارسات غير القانونية لدى بعضها. وكمثال على ذلك قيام أحد المصارف قبل فترة بتصوير كشف حساب أحد العملاء على مدار ٢١ شهر وتسليمه لشخص ما، إن اطلاعه على تفاصيل الحساب بغياب ومن وراء ظهر المفوض قانونا على هذا الحساب، هو جريمة متكاملة الأركان.

 

لا توجد لدي أرقام حول حجم انتهاك خصوصيات اصحاب الحسابات لدى هذا المصرف، ولكنني لا أستبعد أن تكون أكثر من مجرد واقعة عابرة. "سأتقدم بشكوى رسمية يوم غد لسلطة النقد على هذه المخالفة الجسيمة، لعل وعسى يرتدع هذا المصرف وغيره ممن تسول له نفسه التلاعب بحسابات المواطنين والاستهانة بالقانون. وكلي أمل ان تكون سلطة النقد على قدر المسؤولية لاجتثاث هذه الظاهرة.

http://shahed.cc/news/3401

وفي حال لم تعالج سلطة النقد المسؤولية في منع تكرار مثل هذه المخالفات فلكل حادث حديث. أدعو المتعاملين مع القطاع المصرفي لفحص حساباتهم بشكل دوري، والتأكد من منطقية الرسوم والعمولات التي تسجل على حساباتهم شهريا، وتقديم شكاويهم لدائرة حماية المستهلك في سلطة النقد.  وأنا على ثقة بأن سلطة النقد لن تقف مكتوفة الأيدي امام أي مخالفة"."

 

فلنبدأ بتحليل ما كتبه الدكتور حسن أبو لبدة كي نتأمل في جوهر المسألة قبل أن نطلق أحكامنا أو كما يقول شاعرنا الراحل سميح القاسم " فلنكسر قشرة ألفاظنا عن لبّ الفكرة".

 

بدأ أبو لبدة بالقول إن هناك منظومة "تشليح للمواطن المودع أمواله في البنوك ووصفها بأنها "تشليح وطني" وذلك من خلال رفع تكلفة أولا الخدمات وثانيا التسهيلات المصرفية على نحو " مرهق ومدمر".

 

إن الإطار الناظم المتعلق باستيفاء رسوم الخدمات ورسوم التسهيلات المصرفية هو القوانين والأنظمة ذات العلاقة وبضمنها تعليمات سلطة النقد، التي يتوجب عليها إجراء عملية تدقيق ورقابة من تلقاء نفسها دون أن تنتظر تقديم شكوى.

 

وفي هذا الصدد، حصل قبل سنوات أنني تقدمت باستفسار " وليس شكوى" حول قانونية استيفاء البنوك رسما عند دفع قسيمة ضريبة القيمة المضافة، وأبرزت وقتها وصلين من بنكين مختلفين، الأول بقيمة (3 شيكل) والثاني بقيمة (5 شيكل) وأحدهما تحت مسمى " إيداع نقدي" على ما أذكر، وجاءني ردا مكتوبا عبر البريد الالكتروني يفيد بأنه بإمكاني "العودة الى البنكين واسترجاع قيمة ما دفعته"، وأرسلت مجددا كتابا يفيد بأنني "لا أبحث عن حل فردي" وإنما على حل للمجموع ولم يردني رد، ولم أتوجه للبنكين لاسترداد ما دفعته.

 

ولغاية الان، وبهدوء فإنني أتساءل مرة ثانية ما هي قانونية استيفاء البنوك لعمولات من المواطن عندما يدفع قسائم ضريبتي الدخل والقيمة المضافة، أو فواتير المياه أو الكهرباء أو الهاتف، أو عند تسديد رسوم أية معاملة تتعلق بترخيص المركبات ورخص القيادة (رفعت من 1شيكل الى 2 شيكل) أو عند دفع الرسوم الدائرة المختلفة وبضمنها دائرة تسجيل الأراضي، ولماذا يتم حصرا توجيه المواطن الى بنك واحد فقط لدفع الرسوم المختلفة المتعلقة بدائرة تسجيل الأراضي؟.

 

ويدعو حسن أبو لبدة "سلطة النقد وجهازها الرقابي لردع بعض من يرى بنفسه كيانا فوق القانون وفوق المساءلة في هذا القطاع الحيوي والحساس". ومع أن الكثير من بيننا يؤيد هذه الدعوة، إلا أنني أتساءل هنا، لمن اليد العليا؟ هل هي فعلا لسلطة النقد أم للبنوك العاملة في فلسطين حيث أشار وزير المالية الى أن مديونية السلطة الوطنية للبنوك الداخلية قد وصلت الى مليار دولار (صحيفة القدس / 14 أغسطس 2021/ إسماعيل عبد الهادي)، ما جعل من القطاع المصرفي "دولة داخل دولة" وكذلك قطاع الخدمات.

 

 

 وينتقل أبو لبدة الى مسألة غاية في الأهمية بالقول "إن ما يقلق في سلوك بعض المصارف عملها وفقا لشعار "لفتك ما لفتك" وممارسة سرقة المواطن "عينك عينك"، وهناك أطنان من الأمثلة على ذلك.  ناهيك عن بعض الممارسات غير القانونية لدى بعضها".

 

إن ما ذهب إليه أبو لبدة غاية في الخطورة، والانطباع العام في كافة المؤسسات العاملة في فلسطين الرسمية وغير الرسمية وبضمنها الهيئات المحلية أن القاعدة العامة  – كما وصفتها زميلتي المهندسة ناديا حبش ذات يوم – التي تنطبق تقول " إن عرفت هينا ضحكنا عليك، وإن ما عرفت راحت عليك"، ما يلزم مراجعة ذلك كله.

 

وساق أبو لبده مثالا صادقا بالقول " كمثال على ذلك قيام أحد المصارف قبل فترة بتصوير كشف حساب أحد العملاء على مدار ٢١ شهر وتسليمه لشخص ما.  إن اطلاعه على تفاصيل الحساب بغياب ومن وراء ظهر المفوض قانونا على هذا الحساب، هو جريمة متكاملة الأركان. لا يوجد لدي أرقام حول حجم انتهاك خصوصيات أصحاب الحسابات لدى هذا المصرف، ولكنني لا أستبعد أن تكون أكثر من مجرد واقعة عابرة. سأتقدم بشكوى رسمية يوم غد لسلطة النقد على هذه المخالفة الجسيمة، لعل وعسى يرتدع هذا المصرف وغيره ممن تسول له نفسه التلاعب بحسابات المواطنين والاستهانة بالقانون.  وكلي أمل ان تكون سلطة النقد على قدر المسؤولية لاجتثاث هذه الظاهرة. وفي حال لم تعالج سلطة النقد المسؤولية في منع تكرار مثل هذه المخالفات فلكل حادث حديث".

 

إن ما ذهب إليه أبو لبده بالقول أن ما حدث هو جريمة " مكتملة الأركان" مسألة تستوجب أولا أن تباشر سلطة النقد والجهة ذات الاختصاص فيها التحقيق والتحري وإن ثبت ذلك تحريك دعوى جزائية ضد كل من له علاقة بذلك وكذلك ضد البنك. وكما علمت فقد تقدم الدكتور حسن أبو لبدة فعلا بهذه الشكوى.

 

واختتم أبو لبدة تغريدته الفيسبوكية بالقول "أدعو المتعاملين مع القطاع المصرفي لفحص حساباتهم بشكل دوري، والتأكد من منطقية الرسوم والعمولات التي تسجل على حساباتهم شهريا، وتقديم شكاويهم لدائرة حماية المستهلك في سلطة النقد. وأنا على ثقة بأن سلطة النقد لن تقف مكتوفة الأيدي امام أي مخالفة".

 

إن النصيحة التي يقدمها أبو لبدة كما يقول هي " نصيحة ببلاش" وهي ملفتة للنظر ويفضل تطبيقها دوما وخاصة لمن يتعاملون بشكل شبه يومي مع البنوك و/أو أصحاب الأرصدة النائمة.

 

ما أريد أن أضيفه على كلام أبو لبدة يتعلق بالجانب الآخر الرقابي والقانوني من قبل تلك المؤسسات التي تصف نفسها بأنها " مؤسسات مجتمع مدني"، التي لا تعطي مسائل المجتمع المدنى هذا الإنتباه الكبير وتلك الملاحقة القانونية، فقد سبق لي وأن توجهت الى إحداها بقضايا ناطقة بتفاصيلها قانونا لا تحتاج الى " غلوة واحدة" أمام القضاء.

 

إلا أن هذه المؤسسة قد "عزفت وتمنعت" عن أخذ القضايا، أحد هذه القضايا هو طريقة احتساب شركة الكهرباء لاستهلاك الكهرباء عندما لا  يتمكن قارئ العدادات من القراءة في " اليوم الموعود"، وكذلك ما حصل ذات يوم من إلزامي بدفع فاتورة جاري في المياه غير المدفوعة تحت مسمى " أن ساعته وساعتي من ذات شجرة الساعات" وبالتالي كل من له ساعة في ذات الشجرة مسؤول وتتوزع فاتورة غير الدافع على باقي العدادات في ذات الشجرة " الله أكبر".

 

وعندما طالبت بتسليمي نصا مكتوبا تم رفض طلبي، وكذلك مسألة استيفاء "عمولات بنكية" عند قيامنا بدفع قسائم الضريبة أو رسوم دائرة السير المختلفة أو فواتير المياه والكهرباء والهاتف.

نحن بحاجة أولا الى رقابة رسمية من الجهات ذات الاختصاص، وثانيا رقابة غير رسمية من مؤسسات المجتمع المدني، وثالثا ملاحقة قضائية، عندها تعود الأمور الى جادة الصواب، وإلا ينطبق المثل القائل " قالوا لفرعون …. مين فرعنك … قللهم … ما لقيت حدا يردني".

 

وكي نؤسس لدولة المؤسسات للجيل القادم وتنتهي مقولة " لفتك ما لفتك" التي ذكرني بها دكتور حسن أبو لبده، لا بد لنا أن نعمل بشكل جماعي ودونما تمترس، ففي النهاية " ما يصح إلا الصحيح".

إغلاق