أحمد المذبوح.. جزار السلطة الفلسطينية

رام الله – الشاهد| “يلي بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة”.. ينطبق هذا القول على حالة السفير الفلسطيني في بلغاريا، أحمد المذبوح، الذي لم تعد تدور حوله تساؤلات دبلوماسية معتادة، بل تحولت السفارة في عهده إلى “مغارة لتصفية الحسابات والفساد البنيوي”.

فبينما يتحدث المذبوح في بياناته وخطاباته عن المهنية والوطنية، تشير شهادات من موظفين وناشطين في بلغاريا لبيئة عمل تُهيمن عليها المحسوبية وتغيب عنها النزاهة.

الاتهامات التي تطاله تتراوح بين المشاركة بجريمة اغتيال المحرر عمر النايف، وتضييق الخناق على المخالفين سياسيًا، وتوظيف السفارة لخدمة فئة بعينها على حساب الجالية الفلسطينية.

من هو أحمد المذبوح؟

أحمد المذبوح، الذي تدرج بجهاز المخابرات العامة في السلطة، لم يأت للسلك الدبلوماسي بخلفية تقليدية، إنما بخبرة أمنية جعلت أسلوبه بإدارة السفارة أقرب لغرف التحقيق منه إلى قاعات التمثيل السياسي.

يصفه البعض بأنه “عين السلطة” في بلغاريا، لا سفير لها، وهو ما يفسّر استخدامه لمنصبه بمعارك داخلية تخدم مصالح محددة لا تمثل عموم الفلسطينيين.

السفارة لم تسلم من اتهامات متكررة بـ”تحويلها إلى دكانة حزبية”، مع تعمد المذبوح حصر تمثيل الجالية في شخصيات محسوبة على خط حركة فتح، ورفض أي انفتاح على طاقات شابة أو تيارات وطنية مختلفة.

تحقيق استقصائي أجراه المدون أحمد البيقاوي عام 2019 كشف عن تورط مسؤولين في السلطة الفلسطينية، بينهم رأس السفارة في بلغاريا بعملية اغتيال النايف.

أحمد المذبوح ويكيبيديا

التحقيق كشف عن محاولات ممنهجة من شخصيات نافذة داخل السفارة والسلطة لإخفاء آثار وملابسات الجريمة، والتغطية عليها عبر ترويج فرضية انتحار النايف.

ومن الأدلة، قيام شخصيات فلسطينية بالتدخل والعبث بمسرح الجريمة قبل وصول الشرطة البلغارية، ما يثير شكوكاً جدية حول نية التأثير على سير التحقيق.

كما أظهر التحقيق أن المذبوح استخدم ورقة قيل إنها وصية كتبها النايف، لكنه تراجع لاحقًا أمام الجهات البلغارية عن تبني فرضية كتابتها من النايف.

رغم تمسكه بها أمام أبناء الجالية الفلسطينية في بلغاريا، ما يزيد من حالة الالتباس حول الملابسات الحقيقية للحادثة.

فضيحة أحمد المذبوح

وكان المذبوح من أشد المعارضين لتواجد النايف في مقر السفارة، إذ مارس ضغوطًا عليه لمغادرتها.

وأشار التحقيق، نقلاً عن شقيق الشهيد، إلى أن عمر اتصل بياسين مراغة، القيادي في الجبهة الشعبية، طالبًا إرسال عناصر من الجبهة لحمايته.

كما أفاد شاهد بلغاري يقيم قؤب السفارة بملاحظة وصول سيارتين، إحداهما “بيجو”، إلى باب السفارة حوالي الساعة الثالثة والنصف فجرًا، ونزل منها شبان دخلوا إلى المبنى.

غير أن هذا الشاهد اختفى بعد أن أدلى بشهادته للشرطة، ما يثير تساؤلات حول مصير شهادته.

كما كشف التحقيق عن تسجيل صوتي لهشام رشدان، المقرب من الوزير أحمد مجدلاني، الذي يعمل في شركة “بولينز” المرتبطة بشبكات الجريمة المنظمة في بلغاريا.

في التسجيل، يناقش رشدان خطة مقترحة لتهريب النايف إلى تركيا بموافقة جهات فلسطينية رسمية.

جرائم أحمد المذبوح

وبعد الاغتيال، نشر رشدان على حسابه في “فيسبوك” تأكيدًا بأن خطة الهروب أُلغيت قبل يومين من وقوع الحادث.

يذكر أن “إسرائيل” سبق أن سعت للحصول على مذكرة دولية لاعتقال عمر النايف، ما دفع صوفيا لمطالبة النايف بتسليم نفسه إليها، ثم تسليمه لاحقًا لإسرائيل، ما اضطر النايف للجوء للسفارة بفي بلغاريا، إذ أقام فيها لشهرين ونصف حمايةً لنفسه.

رانيا النايف، زوجة الشهيد عمر النايف، حملت خارجية السلطة وسفارتها في صوفيا مسؤولية حماية قتلة زوجها، معربة عن استيائها من تقاعس السفارة، ممثلة بالسفير أحمد المذبوح وطاقمه، باتخاذ إجراءات لمعاقبة المتورطين رغم مرور سنوات على اغتياله.

وتستنكر النايف استمرار بقاء المذبوح بمنصبه كسفير، معتبرة أن الوضع كما لو أن “أمرًا لم يحدث”، في إشارة إلى عدم حدوث أي تغيير أو تقدم في القضية.

أحمد المذبوح السيرة الذاتية

وتشير إلى أن “شهيد يسقط على أرض السفارة، والسلطة من خلال وزارتها الخارجية لم تحرك ساكنًا، ولم تحقق جديا في القضية، وهذا يضع الخارجية في طائلة الاتهام”.

وأوضحت أنه لا توجد أي تطورات ملموسة في التحقيقات بشأن اغتيال عمر، إذ ألغت محكمة الاستئناف البلغارية تقرير لمدعي العام وطلبت إعادة التحقيق مجددًا، مؤكدة أن التحقيقات لا تزال جارية.

وطالبت النايف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بتحمل المسؤولية بجدية، والضغط على السلطات البلغارية لتسريع التحقيقات وكشف المتورطين وتقديمهم للعدالة، لضمان تحقيق العدالة لزوجها.

وبوقت تعيش فيه فلسطين أكثر مراحلها حساسية، تصبح مهمة السفراء مضاعفة، لكن المشهد في بلغاريا يبدو معكوسًا مع تحولها إلى عبء على صورتها، وتزداد الحاجة لمراجعة عميقة لمعايير اختيار الدبلوماسيين، بعيدًا عن النفوذ الأمني والحزبي.

الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=92431