صراعات فتح الداخلية تفاقم الوضع الأمني بالضفة

صراعات فتح الداخلية تفاقم الوضع الأمني بالضفة

الضفة الغربية – الشاهد| في ظل تصاعد وتيرة العنف ومعدل الجريمة الذي تشهده الضفة الغربية مؤخراً، يطرح العديد من المواطنين تساؤلاً حول الجهة التي يفترض بها تحمل المسؤولية أمام الشعب عن غياب الأمن وانتشار الفوضى وعمليات القتل والجريمة المنظمة.
حالة الفلتان التي شهدت تصاعداً خلال السنوات الأخيرة، جاءت مع بدء الحديث عن وراثة عباس في الحكم، وتكديس قادة فتح وبعض العائلات للسلاح بشكل كبير استعداداً لتلك المرحلة، إلا أن من يمتلكون ذلك السلاح استخدموه باكراً في صراعاتهم الداخلية والعائلية.
رئيس حكومة فتح وعضو لجنتها المركزية محمد اشتية الذي اختاره رئيس السلطة محمود عباس وزيراً للداخلية، هو المسؤول الأول من الناحية القانونية عن الأمن في الضفة الغربية، وعن أي إخفاقات في هذا الملف.
لكن هذا الواقع يصطدم بحقيقة أن حركة فتح وزعيمها محمود عباس اختاروا اشتية كواجهة فقط للخروج من معضلة اختيار وزير داخلية متخصص من فتح في ظل الصراعات داخلها على النفوذ تصل لحد زعامة الحركة وخلافة عباس.

صراع على الوراثة

ويتصدر واجهة الصراع الفتحاوي الداخلي رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج المقرب من عباس، وذراعه اليمنى حسين الشيخ عضو مركزية فتح ووزير الشؤون المدنية، واللواء جبريل الرجوب عضو المركزية والذي ما زال يحكم بقبضته على جهاز الأمن الوقائي وقائده زياد هب الريح.
وتصب الجهود الأمنية لكل هذه الأطراف المتصارعة في الدرجة الأولى في وأد المقاومة وملاحقة عناصرها، ومجابهة المعارضين السياسيين للسلطة ونهجها، لكسب رضا دولة الاحتلال التي تسعى لأن يكون خليفة عباس القادم رجلها القوي الذي يسيطر على مقاليد الأمور الأمنية بالدرجة الأولى.

وأوصلت هذه الحالة من الصراع بين قادة فتح، وإهمال الوضع الاجتماعي، الواقع في الضفة الغربية لما آلت إليه من ارتفاع العنف خاصة من عناصر أجهزة السلطة أو كوادر حركة فتح بتواطؤ هذه الأجهزة.
ويسود الاستياء والغضب في الضفة الغربية تجاه السلطة وأجهزتها، بعد عدة حوادث أشعلت الأوضاع فيها، كان آخرها مقتل الطالب مهران خليلية في مدينة جنين الذي قتل إثر شجار بين شبيبة فتح على خلاف مناطقي.

الأوضاع تتجه للأسوأ

وحذر رئيس لجنة الإصلاح العشائري في محافظة جنين الحاج فخري تركمان، من أن الأوضاع تتجه نحو الأسوأ بسبب الفلتان الأمني، مشيرا الى أن المجتمع أصبح مسلحا نظرا لضعف القضاء والأجهزة الأمنية، والتدخل في الافراج عن الخارجين على القانون.
وأشار الى أن هذه الأسباب، أدّت لفقدان المواطن ثقته بأجهزة الأمن والقضاء، مؤكدا على وجوب إيقاع العقوبات الرادعة بحق القتلة والقصاص منهم باعتباره الحل لأي قضية قتل، داعيا العودة لتنفيذ عقوبة الإعدام كونها العقوبة الرادعة.

وشدد على خطورة الأحداث الحالية، وقال: "مستقبلنا القادم مظلم، إن لم يتدارك الموقف بسرعة، والأمور تتنامى للأخطر بفعل حوادث القتل التي تكثر مع الأسف"، مطالبا مسؤولي السلطة للتحرك بغية انقاذ المجتمع ووقف حالة التدهور في المجتمع الفلسطيني.

تفاصيل الصراع

وكان مدير الدائرة السياسية السابق في ديوان الرئاسة بالسلطة الفلسطينية ياسر جاد الله كشف أن العلاقة القوية بين مدير جهاز المخابرات ماجد فرج وعضو اللجنة المركزية ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ تزعج أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب.
وأوضح جاد الله في مقطع فيديو أن الرجوب لا يزال يبسط بنفوذه على جهاز الأمن الوقائي وقائده زياد هب الريح، وأضاف: "هب الريح لا يتصرف بأي أمر دون الرجوع لجبريل الرجوب".
وأشار إلى أن الرجوب لن يسمح لماجد فرج وحسين الشيخ بأن تصل طموحاتهم إلى السيطرة على منصب الرئاسة، منوهاً إلى أن جهاز المخابرات طلب من بعض النشطاء خارج الأراضي الفلسطينية بتسريب بعض المعلومات والقيام بحملات إعلامية ضد جهاز الأمن الوقائي.

وبين أن ماجد فرج ورط جهاز الأمن الوقائي في العديد من القضايا التي هدف من خلالها تدمير الجهاز وسمعته، والتي كان آخرها جريمة اغتيال الناشط نزار بنات والتي تورط فيها قادة وضباط وجنود جهاز الأمن الوقائي، لافتاً إلى أن تلك الجريمة تمت بسبب غباء قائد الجهاز زياد هب الريح.

 خلافة عباس

وكانت القناة السابعة العبرية قدمت العديد من السيناريوهات لليوم الذي يلي مغادرة رئيس السلطة وزعيم حركة فتح للسلطة، وهو اليوم الذي يستعد فيه الاحتلال منذ فترة لا سيما في ظل الوضع الصحي لعباس، بالإضافة إلى انتهاء دوره كسياسي في الساحة الفلسطينية.
القناة التي أجرت لقاءات مع خبراء كبار في الجامعات ومراكز الدراسات والتي أجمعت أن عباس لن يترك منصب الرئاسة طواعية ولن يعين خليفة له، وهو الأمر الذي يزيد من حالة الصراع الداخلي في فتح.
إلا أن الخشية الأكبر لدى الاحتلال هو استغلال حركة حماس للصراع الدائر على منصب الرئاسة وتمكنها من السيطرة على السلطة في الضفة، في ظل حالة الفوضى المتوقعة بعد الصراعات الداخلية في حركة فتح.

ويقول غادي هيتمان الخبير في الساحة الفلسطينية في جامعة أريئيل، إن عباس يترك بنية سياسية متزعزعة للغاية وتنظيم فتح ضعيف للغاية، والفشل الذريع لأبو مازن هو أنه بعد وفاة عرفات فشل في إصلاح التنظيم وتكوين كادر من القادة المبدعين الذين يفكرون خارج الصندوق وينتجون قوة حقيقية لخلق بديل حقيقي أمام حماس.
توقعات الخبراء الإسرائيليين تشير إلى أن محمد دحلان القيادي المفصول والذي يقيم في دبي من الشخصيات غير المستبعدة في ترأس السلطة، ناهيك عن أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، والذي هو على خلاف كبير مع ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات والطامع أيضاً في منصب رئاسة السلطة.

إغلاق